Imprimer


✥ السِّنْكسَار ✥
✥ أحد العنصرة المجيد: بنسمةٍ عاصفة وبنوع لسان من نار ... يوزع المسيح الروح الإلهي للرسل الإطهار ... لقد انسكب الروح في نهار عظيم على صيادي البحار. وهذا العيد قد تسلمناه من كتب العبرانيين لأن كما أن أولئك يعيدون العنصر المعينة عندهم مكرمين العدد السابع وأنهم بعد الفصح أجازوا خمسين يوماً فأخذوا الشريعة هكذا ونحن بعد الفصح نعيد خمسين يوماً فنأخذ الروح الكلي قدسه المُشترع والمرشد إلى كل حق والمرتب الأشياء المرضية لله. وليُعلم أن عند اليهود كانت ثلاثة أعياد عيد الفصح والعنصرة والمظال. فأما الفصح فكانوا يعملونه لتذكار عبور البحر الأحمر لأن الفصح يُترجم عبوراً وقد دل هذا العيد عن عبورنا من الخطيئة المظلمة ودخولنا الفردوس أيضاً. وأما العنصرة فكانوا يعيدونها لتذكار شقائهم في البرية وكيف أنهم بشقاء وضرر كثيرٍ دخلوا إلى أرض الميعاد لأنهم حينئذٍ تمتعوا بثمر الحنطة والخمر وقد دل على شقائنا الذي كابدناه من عدم الإيمان وعلى دخولنا إلى الكنيسة لأنه حينئذ ونحن تناولنا الجسد والدم السيدي. فالبعض إذاً يقولون أنه لهذا السبب تُعيد العنصرة عند اليهود. والبعض يقولون إنه لإكرام الخمسين يوماً التي صامها موسى فاقتبل الناموس المكتوب من الله ومع هذا أيضاً متذكرين ذبح العجل وغيره من الأعمال التي عملها موسى بصعوده ونزوله على الجبل. وخلافهم ظنوا أن العبرانيين استنبطوا العنصرة لإكرام العدد السابع كما قيل لأن هذا إذا ضُرب في ذاته فيعمل خمسين إلا يوماً وهذا الإكرام ليس يعملونه للأيام فقط بل وللسنين التي منها يتولد عندهم ابوفيلاوس (أعني العتق) لأن السبع سنين لما تتضاعف في ذاتها تصير هكذا عندما أيضاً يتركون الأرض بغير زرع ويمنحون الحيوانات راحةً ويأمرون العبيد المبتاعين أن ينصرفوا معتوقين. وأما العيد الثالث فهو عيد المظال الذي كان يُعيد بعد قطف الأثمار أعني بعد خمسة أشهر من عيد الفصح فيكمل هذا لتذكار اليوم الذي فيه أولاً موسى نصب المظلة التي نظرها بواسطة الغمامة في جبل سينا وأتقنت من بسلائيل رئيس النجارين لأن وهؤلاء كانوا يكملون هذا العيد صانعين مظالاً ومقيمين في الحقول وكانوا يجمعون أثمار أتعابهم شاكرين لله. وقد يُظن أن في شأن هذا كتب داود زبورات لأجل المعاصر. وهذا كان رسماً لقيامتنا من الأموات عندما نتمتع بأثمار أتعابنا معيدين في المظال الأبدية بعد انحلال مظالنا الجسدية وانتصابها أيضاً. فيجب أن نعلم أن في هذا اليوم لما كان يكمل عيد العنصرة حضر الروح القدس إلى التلاميذ ومن حيث أنه قد ظهر موافقاً للآباء القديسين أن تتوزع الأعياد لأجل عظمة الروح المحيي الكلي قدسه لأنه هو أحد الثالوث القدوس عنصر الحياة هوذا ونحن في الغد سنتكلم عن كيف حضر الروح الكلي قدسه. فبشفاعات الرسل القديسين أيها المسيح إلهنا ارحمنا آمين.
✥ شروحات حول العيد وأيقونته: "ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً" (أع٨:١)
تجسّد الأيقونة حلول الروح القدس على التلاميذ بشكل ألسنة ناريّة، فابتدأ التلاميذ على الأثر يشهدون للرّب دون خوف.
هو عيد تأسيس الكنيسة ومولدها. ففي هذا اليوم كثيرون قبلوا كلام الربّ بفرح، واعتمدوا، وانضم نحو ثلاثة الاف نفس.
وهو في المرحلة الثالثة في الكنيسة، في العهد الجديد:
المرحلة الأولى: من البشارة الى الصليب.
المرحلة الثانية: من الصليب الى القيامة.
المرحلة الثالثة: من القيامة الى العنصرة مروراً بالصعود.
- الروح القدس قوّى التلاميذ وأضاء لهم كلّ شيء من جديد. فهموا الكتب، وما جرى معهم من أحداث: "أمّا المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلّمكم كلّ شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يوحنا ٢٦:١٤).
- هو معموديتهم بالروح.
- حدث العنصرة يعيدنا إلى برج بابل ولكن هذه المرة بشكل معاكس. في بابل كانوا يتكلّمون لغة واحدة ثم ما عاد الواحد منهم يفهم ما يقوله الآخر، وأمّا الآن فهم يتكلّّمون بلغات مختلفة ولكن يفهم الواحد الآخر.
- مكان العنصرة: العليّة. وهذا يعيدنا بالذاكرة الى العشاء السرّي في علّية صهيون.
- الرداء الأحمر في الأيقونة من فوق يرمز ويشير الى المجد الإلهيّ الذي كان يظلّل المكان. ونراه في أيقونات عديدة.
- وضعية التلاميذ وعددهم: كما في الصعود، هم إثنا عشر تلميذًا بينهم بولس الرسول. ستة تلاميذ من كلّ جهة.
- المكان الوسطي الذي يشكّل المكان الرئيس هو شاغر، لأن هذا هو مكان الرّبّ يسوع المسيح رئيس الكنيسة الدائم.
- يجلس التلاميذ على مقعد نصف دائري وكأنّهم في مجلس أعلى، وهذا يذكرنا بما قاله الرّبّ يسوع:" ستجلسون معي وتدينون الأمم. "
- التلاميذ على هذا الشكل:
١- من جهة يمين الأيقونة: بطرس، متى، مرقس، يعقوب، سمعان، توما.
٢- من جهة يسار الأيقونة: بولس، يوحنا، لوقا، اندراوس، برثلماوس وفيليبس.
- على خلاف أيقونة الصعود، لا نجد والدة الإله في أيقونات العنصرة إلّا في بعض الأيقونات، وذلك لأنّه حلّ عليها الروح القدس في البشارة.
- الأناجيل والرسائل في يد الرسل دلالة على ما كتبوه وبشّروا به.
- الرجل المسن في الأسفل يمثل المسكونة التي تنتظر البشارة، لهذا نجده داخل كهف مظلم لأن نور المسيح لم يدركه بعد. وهو ملك وشيخ طاعن في السن يمثّل الخليقة جمعاء منذ القدم والرازحة تحت ثقل الخطيئة. يحمل بين يديه قطعة من القماش وضع عليها إثنا عشر ملفاً رمزاً للرسل الإثني عشر الذين حملوا البشارة إلى العالم أجمع.
- طروبارية العنصرة، نجدها في هذه الأيقونة:
- الصيادون هم الرسل، المسكونة تتمثّل بالشيخ الذي يقف في الوسط، والروح القدس بالألسنة النارية الهابطة من فوق.
إنّ معموديّة الروح القدس تنشئ ولادة جديدة: الروح القدس في البشارة، كانت نتيجته ولادة المخلّص، وأمّا الآن فهي ولادة الكنيسة.
✥ لماذا حلّ الروح القدس على السّيّد المسيح بهيئة حمامة، بينما حلّ على التلاميذ بشكل ألسنة نار؟
1- النار تستخدم للتطهير، و السيد المسيح لا يحتاج إلى تطهير، لأنّه بلا خطيئة.
2- الألسنة من أجل المواهب والسيد المسيح لايحتاج الى مواهب، لأنّ فيه كلّ كنوز المعرفة والحكمة.
3- في بداية الخليقة، كان روح الله يرفّ على وجه المياه .
4- الحمامة رمز البساطة والوداعة.
5- حمامة نوح تعلن عن البداية الجديدة، وفي المعمودية الولادة الجديدة.
6- الحمامة كانت الطير الذي يستخدم في ذبائح العهد القديم.
7- الكنيسة توصف في سفر نشيد الأنشاد بالحمامة.
✥ القدّيس غلب أمير فلاديمير الرّوسيّ (+1175م) : كان ابن الأمير أندره بوغوليوبوف. امتاز، منذ شبابه، بالتقوى ومحبة قراءة الكتب المقدسة ومحادثة الروحانيين. أضنى جسده في صوم قاس وتشدد بالأسهار والصلوات. رقد بسلام في الرب سنة 1175م. وجدت رفاته، فيما بعد، غير منحلة.
✥ القدّيس مثوديوس المعترف أسقف باتارون وصور (+311): كان القدّيس مثوديوس، أولاً، أسقفاً على أوليمبوس، وهي مدينة بحرية في ليسيا كما شهد على ذلك القدّيس إيرونيموس وآخرون. أو لعلّه كان على بيزنطية أو باتارون كما شهد يونتيوس. ليس مستبعداً أنّ باتارون كانت واحدة وأوليمبوس في ذلك الزمن. نُقل إلى أسقفية صور، ربما بعد استشهاد القدّيس تيرانيوس الذي قضى في زمن ذيوكليسيانوس. قضى مثوديوس شهيداً في قنّسرين السورية وقيل لا بل في خالكيس اليونانية العام 311 أو 312م. من أهمّ ما كتب القدّيس مثوديوس "في المشيئة الحرّة"، و"ردّ على أتباع فالنتنيانوس"، و"في شأن قيامة الأجساد" وهو ردّ على العلامة أوريجنيس "وليمة العذارى" وهو إكبار لفضيلة العذرية.
✥ القديس البار كليستوس الأول بطريرك القسطنطينية (القرن 14م): راهب في اللافرا الكبير (جبل آثوس) ثم تلميذ للقديس غريغوريوس السينائي في إسقيط ماغولا. عاش سنين طويلة ملتصقاً بمعلم الهدوئية الآثوسية. هو الذي وضع سيرته. تحت تهديد القراصنة الأتراك، ترك القديس غريغوريوس وتلاميذه، الذي كان كليستوس واحداً منهم، آثوس سنة 1326 وتنقلوا لاسيما بين تسالونيكية وخيوس وميتيلين وتراقيا قبل أن يستقروا في برية باروريا. وإذ أجبروا على مغادرة هذا الموضع، بسبب أخطار من اللصوص، أقاموا في القسطنطينية، ثم عادوا، بعد فترة، إلى باروريا بفضل حماية قيصر بلغاريا لهم، يوحنا الكسندر. أما كليستوس فعاد إلى آثوس (1331). كان في إسقيط ماغولا عندما أتى إليه القديس أثناسيوس، المؤسس العتيد للميتورة، وهو الذي أرسله إلى الشيخ غريغوريوس في ميلايا. بعد ذلك أقام في دير الإيفيرون حيث يُظن أنه صار رئيساً للدير. أوفدته سلطات الجبل المقدس إلى القسطنطينية لقضاء مسائل مهمة. في 10 حزيران 1350 جرى انتخابه بطريركاً مسكونياً. ثم، في السنة التالية، رأس المجمع الذي أكد عقيدة القديس غريغوريوس بالاماس في شأن تأليه الإنسان بالقوى غير المخلوقة. بعد ذلك بسنتين أراد يوحنا كانتاكوزينوس إجباره على تتويج ابنه متى إمبراطوراً والكف عن ذكر الإمبراطور الشرعي، يوحنا الخامس باليولوغوس في الخدمة الإلهية. شاء أن يبقى أميناً لمبدأ الشرعية السلالية، فرفض الرضوخ واعتزل في دير القديس أثناسيوس في دير القديس ماما دون أن يقدم استقالته، الأمر الذي حال دون تتويج الملك المغتصب. في 14 آب سنة 1353 أقاله المجمع المقدس وانتخب عوضه متروبوليت هيراقليا، القديس فيلوثاوس (11 تشرين الأول). هذا عمد إلى تتويج متى كانتاكوزينوس إمبراطوراً مشاركاً. توجه كليستوس إلى تينيدوس حيث كان يقيم الإمبراطور يوحنا الخامس باليولوغوس في المنفى. استمر يمارس مهامه كبطريرك. بعد دخول يوحنا باليولوغوس إلى القسطنطينية وتوقيع اتفاق بين الإمبراطورين المتخاصمين أدى إلى تنازل كانتاكوزينوس عن العرش واقتباله الثوب الرهباني، أُعيد القديس كليستوس إلى السدة البطريركية فيما أُزيح القديس فيلوثاوس. خلال فترة الأسقفية الثانية دافع كليستوس عن امتيازات البطريركية المسكونية واهتم بإعادة الانسجام بين الكنيسة والسلطة المدنية. أوفد في مهمة لدى الملكة الصربية هيلانة طلباً للعون العسكري ضد الأتراك. مر في الطريق بآثوس والتقى القديس مكسيموس الحراق المعيد له في 13 كانون الثاني فأطلعه هذا الأخير على قرب مغادرته إلى ربه. توفي ولم ينجز مهمته في آب 1363م. إذ ذاك عمد المجمع المقدس إلى استعادة القديس فيلوثاوس.
✥ القديس البار نيقولاوس كاباسيلاس (القرن 14م): ولد في تسالونيكية حوالي العام 1322م. كاباسيلاس اسم عائلة أمّه وهي عائلة قديمة مشهورة. تلقى، منذ الشبابية، إعداده الروحي على يد أحد أبرز الآباء الروحيين في تسالونيكية في زمانه، دوروثاوس فلاتيس. وهو أحد تلامذة القديس غريغوريوس بالاماس المقرّبين. تردّد على حلقات الأتقياء من عامة المؤمنين. هؤلاء كانوا يتعاطون صلاة يسوع بإشراف القدّيس إيزيدوروس بوخيراس، البطريرك العتيد (1347 – 1350). بعد أن تلقى أوّل تعليمه الأدبي والفلسفي لدى عمّه نيلوس كاباسيلاس تابع دروسه في مدرسة الفلسفة في القسطنطينية. هناك حصّل ثقافة أدبية راقية وجعله إعجابه بالكلاسيكيات يُصنّف في الأوساط الإنسانوية دون أن يحيد عن تعليم الكنيسة. خلال إقامته في العاصمة المتملكة نبّهه الجدال الناشب بين غريغوريوس بالاماس وبرلعام في شأن إمكان تأليه الإنسان بالقوى غير المخلوقة للنعمة الإلهية، أقول نبّهه إلى الغاية الأخيرة من الحياة المسيحية، لكنّه انكب بالأكثر على القضايا الاجتماعية والسياسية في عصره. بعد موت الإمبراطور أندرونيكوس الثالث سنة 1341 وُجدت الإمبراطورية في حال من التمزق نتيجة حرب أهلية اندلعت بين مناصري يوحنا الخامس باليولوغوس ومناصري يوحنا كانتاكوزينوس. وتدهورت الأمور بسبب ثورة الغيورين في تسالونيكية على سلطة الإمبراطور والنبلاء. نيقولاوس، الذي كان يومها في تسالونيكية، توسط في المباحثات بين المتمردين ويوحنا كانتاكوزينوس. سنة 1345 أرسل إلى بيريا سفيراً لدى ابن وممثل كانتاكوزينوس، المدعو مانويل، فحظي بوعد بتقديم شروط مؤاتية لاستسلام المتمردين. غير أن أندراوس باليولوغيوس عارض المشروع، إثر عودته، وهيج الغيورين وسكان الأحياء الفقيرة فهاجموا الحصن الذي كان الوجهاء قد لجاؤا إليه. حصلت مذابح بشعة بالكاد أفلت نيقولاوس منها واختبأ في أحد الآبار. غير أنه بقي في تسالونيكية حتى العام 1347 ولا ما يقلقه رغم المودّة التي كان يكنها لكانتاكوزينوس. وإذ أقبل على دراسة أسباب الحرب الأهلية، وضع بضع مقالات ضدّ الربا والظلم الاجتماعي.
لمّا تبوّأ كانتاكوزينوس العرش باسم يوحنا السادس استدعى نيقولاوس إلى القسطنطينية وجعله مستشاره في كل الشؤون الهامة للدولة. وبتأثير مشيريه، نيقولاوس وصديق الطفولة ديمتريوس كيدونس، أسمى الملك الرجال الذين "بلغوا ذروة الحكمة العالمية فلاسفة في العمل أيضاً إذ اختاروا حياة العفّة الحرّة من كل سيئات الزواج". وقد فكر في الاعتزال في دير Manganes، غير أن الوضع السياسي في تسالونيكية جعله يعدل عن عزمه. خلال هذه الفترة انكبّ نيقولاوس على العمل ككاتب فيما شارك، بنشاط، في الحياة العامة. في أيلول 1347 كان في عداد من رافقوا القدّيس غريغوريوس بالاماس المنتخب حديثاً رئيس أساقفة على تسالونيكية. ولكن لما نبذ الشعب راعيه اعتزل وإيّاه في جبل آثوس حيث عاش في السكون والصلاة سنة كاملة. في العام 1349 عاد من جديد إلى تسالونيكية حيث كانت ثورة الغيورين قد خمدت وتصالح أطراف الصراع فجرى تتويج القدّيس غريغوريوس. ثم لما أدان المجمع أكندينوس وأعلن الهدوئية عقيدة رسمية للكنيسة ناصر كاباسيلاس اللاهوت البالامي وأعلن موافقته على مشروع في شأن مجمع الوحدة مع الكنيسة اللاتينية دونما تنازل عقائدي. هذا فيما وقف صديقه كيدونس في صف خصوم الهدوئية وتبنى موقف خضوع للطروحات اللاتينية. لما اندلعت حرب أهلية جديدة بين يوحنا الخامس باليولوغوس ويوحنا كانتاكوزينوس (1353) أدّت إلى الإطاحة بالبطريرك القدّيس كاليستوس، ورد اسم كاباسيلاس بين المرشحين لخلافته، لكن جرى، أخيراً، انتخاب القديس فيلوثاوس (11 تشرين الأول) للمنصب. في السنة التالية رحّب نيقولاوس، في خطاب فخم، بتتويج متى كانتاكوزينوس إمبراطوراً شريكاً. ولم يمض على ذلك وقت طويل حتى استأثر يوحنا باليولوغوس بالعرش بفضل المرتزقة البنادقة، فاضطر يوحنا كانتاكوزينوس إلى التنازل عن العرش واقتبال الحياة الرهبانية باسم يواصاف. كذلك أُطيح بالبطريرك فيلوثاوس ونفي، فيما استُدعي القدّيس كاليستوس من جديد ليشغل الكرسي البطريركي. مذ ذاك اعتزل نيقولاوس الشؤون العامة لينكب على التأمل في السرّ المعيش للمسيح في الكنيسة. لا نعرف ما إذا كان قد بقي إلى آخر أيامه هدوئياً من العامة أو صار راهباً كما يوحي بعض فقرات أعماله الكتابية. خلال هذه الفترة الطويلة من الاعتزال، إلا إقامة له لسنتين في تسالونيكية، انتقل إلى القسطنطينية وأخذ يتردّد على أديرة منغانا وكسانتوبولوس وستوديون. وقد اقتنى شهرة رجل بلغ قمة الفضيلة. واهتمت شخصيات بارزة كالإمبراطور مانويل باليولوغوس بطلب مشورته معتبرة إياه أباً روحياً لها. لكن القديس اجتنب الخوض، من جديد، في اضطرابات العالم وآثر ملازمة الصمت ليضع مؤلفين أساسيين له: "شرح الليتورجيا المقدّسة" و"الحياة في المسيح" وكلاهما يشهد، عن حق، لقداسته ويُعتبر من مآثر الأدب المسيحي. رقد نيقولاوس بسلام في الربّ دون أن يخلّف شاهداً على أيامه الأخيرة بين العامين 1391 و1397. في كتاب القديس نقولا كاباسيلاس عن الحياة في المسيح يبين كيف أن المؤمنين باقتبال الكيان والحركة والحياة الحق بالأسرار المقدّسة: المعمودية والميرون والأفخارستيا، والنمو الروحي بالفضائل المقدسة، أقول يبين كيف يكون المؤمنون قادرين على تحقيق كون المسيح نفسه، بالروح القدس، يأتي ليقيم وينمو فيهم حتى إلى تحقيق اتحادهم الكامل بالله. إن تجسد المسيح هو أساس كل الحياة الروحية لأنه إذ وحد ما كان منفصلاً أتاح الوصال واقتران المخلوق بغير المخلوق. هذه الحياة في المسيح تبدأ، كما يقول، هنا على الأرض، لكنها تكتمل في الملكوت الأبدي الذي صار ولوجه ميسراً لنا، منذ الآن، في الكنيسة. المسيح يسكب نفسه وينضم إلى كل واحد من أعضائه بالأسرار نظير النور النافذ إلى الغرفة عبر النوافذ، وهو بذلك يحقق السر الكبير، سر وحدته العرسية مع الإنسان مُدخلاً إلى جسده المائت الخاضع للتغيرات الحياة الخالدة الدائمة. لكن حضرة الربّ هذه لا تتفعّل إلا إذا تعاونّا معها (سينرغيا)، إلا إذا استجبنا عن إرادة حرّة لنعمة الله، وتركّز اهتمامنا على حفظ النعمة المتلقاة بصحو نفس، كسراج مُضاء، في انتظار عودة الختن. حياة المسيحي الروحية قائمة في حفظ الأعضاء والحواس التي بها اتحد المسيح والتأمل في الكرامة التي أسبغها علينا. مستحيل، في الحقيقة، أن ينجذب المرء إلى الإثم إذا ما وعى "المحبة المجنونة" التي أحبّنا المسيح بها إلى حدّ بذل النفس على الصليب ابتغاء جعلنا له هيكلاً وأعضاء خاصة. بالنسبة لمثل هذا الإنسان يصير الربّ الوحيد المشتهى، وإذ يقتني "روح المسيح" يصير له حفظ الوصايا ميسّراً. ثم بالنمو في الفضائل المقدسة يكون قد ماهى إرادته بالكامل بإرادة المخلص. حين لا يجد فرحه إلا فيما يفرح الرب وحين يحزن مما يمكن أن يحزن الرب، إذ ذاك تصير المحبة الإلهية حياتهما المشتركة وتعطيه أن يساهم خواص الطبيعة الإلهية للإله الإنسان. هذا التأليه الذي هو الهدف الأخير من حياة الإنسان يعاينه القديس نيقولا كاباسيلاس متمثلاً بالكامل في شخص والدة الإله التي، بجمال نفسها وإرادتها المخضعة بالكامل لقصد الله، اجتذبت الروح القدس الذي أولد فيها المخلص. إذ سلك القديس نيقولا كاباسيلاس طريقاً آخرى غير الطريق التي سلك فيها القديس غريغوريوس بالاماس، أبان كإنسانوي بالتنشئة وهدوئي بالنداء الداخلي أن التأله والاتحاد بالمسيح يشكل هدف الحياة الروحية لكل مسيحي لا فقط للرهبان المعتزلين العالم وواجباته. وهو إذ يأتي بالعناصر الإيجابية للثقافة الإنسانوية في زمانه إلى التجلي ويصير معلم "الهدوئية الأسرارية" ، يشعل منذ إدخال ذكراه في الرزنامة الكنسية (1982)، الموقع الذي يستحقه في جوق الآباء القدّيسين في الكنيسة الأرثوذكسية.
✥ القدّيس لوكيوس الإسكندري أسقف برانديزي الإيطالية (+القرن الخامس الميلاديّ): ولد في الاسكندرية. دخل الدير شابًا. أسبغ عليه الربّ الإله نعمًا جمّة. كان يقيم الموتى ويطرد الشياطين. غادر إلى ايطاليا استجابة لأمر إلهيّ. عمّد مدينة وثنيّة بأكملها وبنى هناك كنيسة تحمل اسم والدة الإله. بعد عمل مكثّف ناجح من أجل الإيمان رقد بالربّ زمن الأمبراطور ثيودوسيوس الثاني.
✥ القدّيس البار غوفان الإنكليزي.
✥ القدّيسان ناسكا البرّية المجهولا الإسم.